السبت، 28 أغسطس 2021

سيد ناموسه (من حكايات بابا كريم)

 سيد ناموسه

المقدمة



أنا: يلا يا فيروز علشان ميعاد النوم جه
فيروز: بابا..انا عيزاك تحكيلي ستوري.
أنا: هو كل مره أول ما أقول ميعاد النوم جه تقوليلي عايزه ستوري... ماشي يا برنسيس.. عايزه احكيلك ستوري ايه؟
فيروز: آآآ... آه... عايزه ستوري سيدنا ناموسه
أنا: هههههه... اسمه سيدنا موسى... سيدنا دي كلمه... وموسى... ده اسمه... سيدنا....موسى. مش سيد ناموسه
فيروز: سيدنا موسى.
أنا: براڤو عليكي يا حبيبة بابا.. هحكيلك قصة سيدنا موسى حاضر..
فيروز: لأ انا عايزه قصة سيد ناموسه.. مش قلتلي انك بتألف قصص... الف قصة سيد ناموسه...
انا: همممم سيد ناموسه... ماشي...

الجزء الأول

فيروز :"بابا.. احكيلي بقى ستوري سيد ناموسه اللي وعدتني بيها"
أنا : لسه مصممه يعني ؟
فيروز "اممم أيوه.
أنا :طيب يا حبيبتي .. كان يا مكان .
فيروز : يا سعد يا إكرام..
أنا : سعد مين و إكرام مين 😃 اسمها يا ساده يا كرام..
فيروز : يا سعد يا إكرام يا بابا..
أنا : طب كان يا مكان يا ساده يا كرام و كمان سعد و إكرام ولا يحلى الكلام الا بالصلاه على سيدنا النبي"
أنا و فيروز : عليه الصلاة و السلام
أنا : كان فيه مره بنت اسمها (توكل) ..
فيروز : توكل .. اسم غريب أوي
أنا : اديني فرصه أحكي بقى .. كان فيه بنت اسمها توكل و راحت لباباها في يوم من الأيام و قالتله......
_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
"بابا..عايزة أحكيلك على حاجة"
قالتها لأبيها أثناء تصفحه على الموبايل فلم يحرك ساكنا وقال بعدم إهتمام "خير ان
شاء الله"
-"هو خير إن شاء الله طبعا .. بص من غير لف ودوران كتير انا فيه شاب معجب بيا كان عايز يعني يحدد ميعاد مع حضرتك علشان ييجي يقابلك."
اعتدل في جلسته و ضغط على احدى الأزراز فانطفأت شاشة هاتفه وقال "كبرتي خلاص يا مسخوطة وبقى بيجيلك عرسان اهه .. قوليلي بقى .. بيقبض كام في شغله و ناوي يعيشك فين ؟"
-"ايه ده ؟! دي بجد أول حاجة عايز تعرفها عنه ! يعني مش عايز تعرف هو مين أو أنا عرفته ازاي او اي حاجة من الحاجات دي ؟!" -"أنا في النهاية مش عايز غير سعادتك يا بنتي"
انفرجت أسارير ابنته ولكن لم يستمر ذلك طويلاً بعد أن سمعته يضيف " وأنا أبوكي و عارف ان الفلوس هي بس اللي هتقدر تسعدك"
-"أيوه يا بابا بسآآآآ"
قاطعها "مفيش بس.. الشاب اللي انتي عايزاه ييجي يقابلني ده إمكانياته ايه ؟" -
"بص يا بابا هو شاب كويس أوي و أخلاقه كمان كله بيشهد بيها بس الحقيقة هو لسه بيكون نفسه"
-"يبقى من غير ما أعرف ميلزمناش"
-"بس يا بابا الفلوس مش كل حاجه"
صاح بعصبية " لأ.. كل حاجه ، مكنش ربنا نفسه قال المال و البنون زينة الحياة الدنيا"
-"أيوه يا بابا زينة.. زينة بس مش كل حاجه"
أمسك الأب بتليفونه مره أخرى و قال "الموضوع انتهى .. لو جاهز أهلاً و سهلاً لو مش جاهز يبقى اللي جاهز أولى بيكي ، أنا أبوكي و عارف مصلحتك و عارف ازاي أأمن لك مستقبلك"
***
-"يعني ايه اللي بتقوليه ده ؟"
-"زي ما بقولك كده يا سيد .. ده حتى محاولش يعرف انت مين أو عرفتك منين"
-"هو احنا يعني مش من حقنا نبدأ صغيرين نكبر سوا واحده واحده ؟"
-"معرفش بقى يا حبيبي ، اتصرف.. انت الراجل"
انهار (سيد) وصاح "اتصرف أعمل ايه تاني ؟! انا طافح الدم كل يوم في شغلتين ، بشتغل كل يوم شغل حكومة من 8 الصبح ل 3 العصر وشغل تاني من 5 لاتناشر بالليل ، برجع البيت شبه مبشوفش أبويا و أمي فيه علشان يادوبك أترمي على السرير زي القتيل علشان ألحق أقوم تاني ألف في نفس الدوامة من الأول"
بصوت ممزوج بالبكاء ردت "معرفش يا سيد ، اتصرف، أنا عايزه أكون معاك ونكمل حياتنا سوا ، شوف أي حل"
-"حاضر ، هدور على شغل في يوم الجمعة اليتيم اللي بريح فيه بس عايزك تفهمي ان حتى لو ده حصل الطلبات اللي أهلك عايزنها دي محتاجة سنين و سنين علشان تتعمل ، ده اذا اصلاً قدرت أعملها"
-"حاول يا سيد ، أرجوك ، اعمل اي حاجة"
-"حاضر يا حبيبتي ، هعمل المستحيل علشان أحافظ على حبنا، اهم حاجه تصبري وتستنيني انتي بس"
-"أنا لازم أمشي دلوقتي علشان مينفعش اتأخر أكتر من كده،ابقى طمني هتعمل ايه"
***
رن تليفون (سيد) فقطع شروده ورد "أيوه يا حبيبتي"
-"أيوه يا سيد .. الحقني"
-"مالك بس .. فهميني ايه اللي حصل "
-"أهلي عمالين يضغطوا عليا جامد في موضوع الجواز ، علشان ده تالت عريس أرفضه"
-"يعني ايه بيضغطوا عليكي .. انتي مش هتكوني لحد غيري"
-"ماهو انت كمان يا سيد معملتش أي حاجه من ساعة ما قلتلك على رأي أهلي في جوازنا ، فات شهرين و احنا لسه محلك سر"
"أنا مبطلتش تدوير على شغل من ساعتها ، بس محدش لاقي شغل اصلاً ، فما بالك بقى اني عايز شغل بمواصفات معينة ، يوم واحد في الإسبوع ، وراتب مجزي ، أعمل ايه يعني ؟! أموت نفسي"
-"انت بتتعصب عليا كمان ، أنا الحق عليا اني بفضفض معاك ، يعني هتكلم مع مين بس ؟! أنا هقفل .. سلام"
قالتها و أنهت المكالمة بينما نظر (سيد) الى هاتفه ليجد احدى الإعلانات أمامه..

(((عايز تاخد خمسين ألف جنيه في يومين
محتاجين متطوعين لتجربة علمية ..
اضغط هنا))))

"أبو أم تليفوناتنا اللي مخليانا متراقبين طول الوقت ، ده الواحد ملحقش يقول انه بيدور على راتب مجزي ، لحقتوا بعتولي اعلان"
حاول الضغط على(X) لإغلاق الإعلان ولكنه أخطأ التنشين عليها فانفتح الإعلان..

(((ده مش ADWARE و الفلوس اللي هتاخدها
معانا حقيقية 100 %بشرط الجدية في التطوع
للتجربة العلمية بتاعتنا..
لتفاصيل أكتر اضغط هنا للتواصل على الواتساب)))

كاد (سيد) أن يغلق الإعلان للمرة الثانية ولكنه فكر في نفسه للحظات انه ليس لديه ما يخسره فضغط على رمز الواتساب ففتح نافذة محادثة مع أحد الأرقام..
أهلاً بيك .. أنا العالم (ثروت العقل) وبعمل تجربة جديدة هتغير العالم كله، بعمل عملية نقل روح ، ودي حاجه أنا جربتها فعلا على كائنات كتير ودلوقتي جه وقت اني أجربها على البشر ، لو جاد ومهتم ده لوكيشن قابلني فيه و هشرحلك كل التفاصيل أو كلمني على الرقم ده على الموبايل...
***
"انت ضارب ايه يا دكتور ، ده صنف عالي أوي ده"
-"احترم نفسك انت بتكلم عالم محترم"
-"طب ماتقول كلام يدخل العقل ، يعني ايه هعيش كإني ناموسه لمدة يومين"
-"مش كإنك يا سيد.. انت هتعيش فعلاً ناموسه ، بالإختراع الجديد بتاعي أنا هسحب روحك و هحطها في جسم الناموسه ، بس مش روحك بس ، خلايا عقلك كمان والذاكرة بتاعتك ، يعني هتعيش يا سيد عادي جداً بأفكارك وذكرياتك كلها ، بس في جسم ناموسه"
-"وعدم اللامؤاخذه انت جربت الموضوع ده قبل كده ، واثق يعني و عارف بتعمل ايه ؟"
-"طبعا يا سيد ، زي ما قلتلك انا عملت التجربة دي على كائنات كتير ، بس الحقيقة انا لحد دلوقتي معملتش التجربة دي على أي حد من البشر لسه ، وعلشان كده انا احتجت لك تتطوع تعمل التجربة دي لمدة يومين بس و هرجعك لجسمك الطبيعي تاني ، بس بشرط واحد .. مينفعش أي حد يعرف عن التجربة دي ، علشان أنا لسه مخدتش موافقة أني أجربها على البشر"
استمع (سيد) لكلمات العالم ، ثم فكر في حبيبته و طلبات أهلها فارتسمت ابتسامة
جشعة على وجهه وقال "اليومين بخمسين الف جنيه ؟"
-"بالظبط كده"
-"طب أنا موافق بس بشرط ، هفضل شهر مش يومين بس"
-"مش فاهم.. هي التجربة مش محتاجه أكتر من يومين اتنين علش"..
قاطعه (سيد) "من غير ما تحسبها كتير .. اليومين ب ٥٠ الف يعني الشهر ب٧٥٠.. وده تقريبا المبلغ اللي انا محتاجه حاليا علشان أقدر اتجوز"
-"أيوه وأنا مالي ومال جوازك.. أنا عرضي يومين بس لو مش هتقبله هشوف حدغيرك يقبله"
ضحك (سيد) وقال "لأ ماهو انت مش هتقدر تعمل كده .. علشان احنا لو متفقناش دلوقتي انا مش هسمحلك تتفق مع غيري"
-"يعني ايه الكلام ده ؟"
-"يعني زي ما انت قلت بعضمة لسانك ، انت معرفتش تاخد تصريح بالموافقة انك تعمل تجربتك دي على البشر ، وانا هعرض نفسي للخطر علشان مشروعك ده ،يبقى واجب عليك انت كمان تقدرني صح.. ولا ايه ؟"
سكت العالم لثوان قليلة ثم رد "ده انت طلعت مصيبة يا سيد ، وعاملي فيها غلبان! "
ثم سكت لثوان أخرى قبل أن يكمل "أنا موافق ، بس زي ما قلتلك ... شرطي الوحيد محدش خااااالص يعرف بالتجربة دي "
-"طب و أهلي ، هقولهم ايه ؟"
-"قولهم أي حاجة .. قولهم انك مسافر أي مكان لمدة شهر علشان شغل مهم ..قدامك يومين تظبط موضوع هتقول لأهلك ايه ده علشان تفسر غيابك وأنا كمان أكون دبرتلك ال 750 ألف اللي انت عايزهم و حطتهم لك في حسابك في البنك"
-"وده رقم حسابي في البنك وهستناك تحطلي ال 800 الف"
-"ليه بقى ان شاء الله مش لسه قايلين 750 الف"
-"مانا قلتلك كمان ان كده يادوبك علشان أقدر أتجوز ، يرضيك أتجوز من هنا ، وأشحت أنا ومراتي من هنا ، اعتبر ال 50 ألف الزياده دول هدية جوازي.. تمن شهرعسلي يا سيدي"
-"موافق ، بس خلصني بقى و امضي هنا"
***
-"سيد .. قولي الحقيقة ، الكلام اللي انت بتقوله ده ميدخلش دماغي ، لو هتشتغل في حاجة شمال حتى علشان تقدر تساعدنا نتجوز أنا هتفهم ده وهقدره ، انما حكاوي ألف ليله وبس اللي انت جي تحكيها لي دي مش هتاكل معايا"
-"والله يا حبيبتي زي ما بقولك كده .. الموضوع كله شهر بالظبط ، هنعمل فيه التجربة و هعيش جوه جسم ناموسه ، الشهر يخلص من هنا و هاجي أتقدملك وأنا معايا الفلوس من هنا ، ومين عالم .. ما يمكن قبل الشهر ما يخلص كمان الدكتور يكون خلص كل اللي هو عايزه من التجربة و يرجعني أعيش في جسمي تاني و يديني الفلوس كلها، وساعتها بقى أقل من شهر و أبقى جاهز لطلبات أبوكي"
حكت (توكل) رأسها بإصبعها ثم قالت "طب افرض التجربة اللي بتقول عليها دي منجحتش ، أو حتى نجحت بس وانت عايش في جسم الناموسه حد خبطك بحاجه موتك ، هيبقى العمل ايه ساعتها"
-"من الناحية دي اتطمني ، أنا قلت لأهلي اني عندي سفرية شهر في مكان مفيهوش شبكة وهاجي أقضي معاكي الشهر ده كله هنا و انتي بقى ابقي خلي بالك مني"
-"طب ولو التجربة نفسها منجحتش وجرالك حاجة و انت بتعملها هيبقى العمل ايه؟"
-"لأ ما العالم مأكدلي انه جربها قبل كده على كائنات كتير وولا مره التجربة فشلت، وبعدين عندك حل تاني علشان أسد على طلبات أهلك في الجوازة ، أعتقد انا كده عملت اللي أقدر عليه و زيادة .. بعمل المستحيل حرفيا علشان نكون مع
بعض"
-"طب أنا هعرفك ازاي حتى لو جيتلي و انت ناموسه"
-"برضه الدكتور قالي اني هقدر أتكلم عادي زي الناس بس هيبقى صوتي واطي أوي ، لازم تركزي علشان تقدري تسمعيه"
-"خلاص هستناك بكره وهفتح الشباك ولما تيجي ابقى أقف فوق كتاب الإقتصاد ده علشان أعرفك وأركز في الصوت و أسمعك"
-"اتفقنا .. أنا همشي دلوقتي علشان ألحق أنام شوي ة بس افتكري كويس.. ده سر بينا.. مينفعش أبداً أي حد يعرفه"
****
أنا (بهمس) : فيروز... انتي نمتي يا حبيبة بابا.. طيب ابقى أكملك القصه مره تانيه بقى.. تصبحي على خير يا حبيبة بابا..

الجزء الثاني


-"فيروز.. يلا يا حبيبة بابي علشان تنامي"
-"طب مش هتكملي الستوري
-هو انتي مبتفتكريش الستوري الا أول ما أقول ميعاد النوم جه
فيروز (ضاحكه) : أيوه ، ما هي اسمها حواديت قبل النوم
أنا : ماشي يا لمضه ، فاكره سيد ناموسه وصل لإيه ولا نسيتي
فيروز : فاكره انه قال هيقعد شهر وياخد فلوس كتير
أنا : 800 ألف جنيه مقابل انه يعيش شهر كامل في جسم الناموسه
فيروز : أيوه أنا فاكره الحته دي بس مش فاكره حاجه تاني
أنا : اتفق مع العالم المجنون (ثروت)انه ميقولش لحد خالص عن التجربه دي بس هو راح و حكى لحبيبته (توكل) وقالها كل حاجه وقالها انه هيعيش الشهر ده كله معاها علشان تاخد بالها منه...
أنا (برضه) : يلا نكمل بقى الجزء الجديد...
فيروز : احكي يا بابا بقى
أنا : كان يا مكان.. راح للعالم سيد الغلبان وقبل التجربه قاله ...
_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
-"يا دكتور أنا خايف"
قالها (سيد) للعالم الذي أجابه "احنا هنهرج ولا ايه ؟! .. انت جي دلوقتي تقول خايف وبعدين انت مش شفت بنفسك ان الفلوس اتحطت في حسابك خلاص في البنك ، عايز ايه تاني بقى ؟"
-"معلش يا دكتور لو كنت بزن عليك ، اعتبرني بتدرب على الزن ، مانا هبقى ناموسه بقى"
-"طب يلا غمض عينيك و خلي البنج يشتغل أسرع
***
فتح سيد عينيه ليجد كل شئ أصبح كبيراً جداً فجأه من حوله ، نظر لنفسه واندهش من مظهره ، لقد تحقق المستحيل وأصبح فعلاً يعيش داخل جسد بعوضة مكتملة النمو ، حرك جناحيه بقوة حتى رفعته من على الأرض و استطاع الطيران بسهولة عكس توقعات العالم الذي كان يراقب و يدون كل شئ يراه ثم بدأ بالكلام " سيد ..لو سامعني طير جنب ودني و جرب تتكلم معايا"
أطاع (سيد) الأمر ، وحلق بجناحيه حتى وصل بجوار أذنه وقال "أنا سامعك كويس يا دكتور ، بس مش عارف انت كده سامعني ؟"
رقص العالم فرحا وهو يقول "سامعك.. سامعك يا وش السعد.. التجربه نجحت"
***
"بس يا حبيبتي .. ووصلني بنفسه لحد أول الشارع.. فهمته ان انا عايش هناك و اني عايز أكون جنب أهلي علشان ابقى متطمن عليهم و اني مش هقولهم حاجة ، وطلب مني أعيش و اتعايش في جسم الناموسه ده و اتفقنا هيجيلي في نفس المكان اللي نزلني فيه كمان يومين علشان أقوله كل اللي شفته واللي اتعرضتله".
-"يا حبيبي انت اتبهدلت أوي .. أنا آسفة بجد علشان وصلتك انك تعمل كده"
-"وأكتر من كده كمان لو ينفع يا حبيبتي ، كل صعب علشانك يهون"
-"طب انت حاسس بإيه دلوقتي ؟"
-"بصراحه.. حاسس اني جعان.. و خايف أخرج بره أوضتك أواجه العالم وأنا كده"
شمرت (توكل) أكمام بيجامتها ووضعت يدها مفروده أمام (سيد الناموسه) وقالت وهي تدير وجهها للناحية الأخرى" أرجوك بالراحة و حاول متوجعنيش .. بالهنا و الشفا .دمي فداك يا حبيبي"..
طار(سيد) ووقف فوق احدى العروق البارزة في ذراع حبيبته المكشوف وقال بصوت حزين "أنا آسف ...سامحيني" ثم غرس خرطوم رأسه في دمها ليأكل و يشبع ثم طار بجوار أذن حبيبته لتسمعه فرأى دمعة تخرج من عينها فقال "عمري ما كنت أتخيل اني في يوم من الأيام أكون سبب في وجعك. .. أنا آسف .. أرجوكي متعيطيش"
بملامح جامدة ردت "مش مهم أنا ، المهم انت تكون شبعت و مبسوط"
-"ابقى مبسوط ازاي و أنا شايفك متضايقه كده ؟ ممكن أعرف زعلانة ليه دلوقتي؟"
-"مفيش"
-"يعني ايه مفيش ، أمال بتعيطي ليه فجأة وبتتكلمي معايا من غير نفس"
-"المهم انك شبعت و كنت مبسوط و انت بتشرب من دمي"
-"ولا كنت طايقه حتى ، طعمه مر جداً ، بس لازم علشان أعيش"
-"قصدك تقول ان دمي تقيل ومش حلو"
-"حرفيا آه ، بس مش بالمعنى اللي تقصديه ، أعتقد اني محتاج أفهم أكتر عن طريقة الأكل ، ممكن يكون الناموس بيخفف الدم بشكل معين أو حاجه علشان يعرف ياكل منه"
-"أحطلك شوية ملح عليه المره الجايه علشان ميبقاش دِلع ؟! ولا تحب شوية سلاطة جنبه؟"
-"انتي بتتريقي و أنا بتكلم جد ، أنا كده هحتاج أرجع للعالم تاني علشان أفهم هاكل ازاي"
-"طب ماحنا ممكن نسيرش على جوجل و نشوف الموضوع ده"
-"والله فكره مش بطاله ، طب اعملي سيرش كده و قوليلي لقيتي ايه"
تكتب (توكل) بعض الكلمات على الحاسوب أمامها فتظهر بعض المعلومات عن الناموس على الشاشة...

(((يجب أن يكون لدى جميع البعوض ماء لإكمال دورات حياته التي تختلف
من نوع لآخر فبعض أنواع اناث البعوض تعيش لإسبوع واحد وأنواع
أخرى تعيش من اسبوعين لثلاثة أسابيع بينما يعيش ذكور البعوض من
اسبوع الى عشرة أيام فقط ، وتكون اللدغات دائما من الإناث حيث تتغذى
على دم الإنسان و الحيوان ، بينما يتغذى ذكور البعوض على رحيق النباتات)))

قرأت (توكل) تلك الكلمات بصوت مرتفع ليسمعها (سيد) ثم سكتت لثوان قليلة
سألته بعدها "انت سمعت اللي أنا قريته ؟"
-"مصيبة .. فعلاً مصيبة "
-"كويس انك عارف انك عملت مصيبة ، انت شربت من دمي من غير أي داعي ،وجعتني جداً من غير أي سبب و انت كان ممكن تاكل من رحيق النباتات عادي"
رد (سيد) بعصبية لا تتناسب مع حجم جسده الجديد "هو ده اللي مضايقك ؟! يعني بجد دي أكتر مصيبه شايفاها في الكلام ده ؟! بيقولك الذكور بتعيش من اسبوع لعشر أيام ، وأنا ماضي معاه عقد التجربة تخلص بعد شهر ، أنا لازم أروحله حالاً و افسخ معاه العقد ده و أجبره يرجعني لجسمي الحقيقي تاني ، البسي و تعالي وصليني ،مش هعرف أطير المسافة دي كلها لوحدي"
***
"انت قلتلي انك مأمن كل حاجة ، انت كده ضحكت عليا ، أنا كده هموت قبل حتى مدة العقد ما تخلص"
قالها (سيد) للعالم بعصبية فرد عليه ببرود "مبدئيا كده دورة حياة النوع بتاعك من الناموس بتستمر لخمس أسابيع ، هل هتموت قبلها ولا لأ دي بقى مش بإيدي ، أي حد ممكن يموت في أي وقت طبيعي ، فطبعا فيه نسبة (ريسك) ، بس انت كنت عارف ده من الأول ، السؤال الأهم بقى.. انت عرفت منين المعلومات دي ؟"
-"دي معلومات عاديه جداً جبتها من جوجل"
-"وانت بقى دخلت على جوجل و انت في جسم الناموسه و عملت السيرش ؟"
رد (سيد) بعصبية "لأ طبعا .. (توكل) هي اللي دخلت على السيرش و قالتلي"
-"يعني انت حكيت لناس تانية عن التجربة رغم اني قايلك مينفعش حد يعرف"
-"هو ده اللي فارق معاك ؟! أيوه حكيتلها ، و الحمد لله اني حكيتلها علشان تكشفلي المصيبة اللي انت كنت هتعملها .. بقى اسمع بقى .. انت لو مرجعتنيش في جسمي الحقيقي تاني أنا هوديك في داهية ، انت فاهم ؟!"
صاح العالم بعصبية "تودي مين في داهية يا حشره ، واضح انك نسيت انت بتتكلم مع مين .. بس ملحوقه ، أنا هعرفك " ثم خبط (سيد) بيده فأصابت جزء من احدى جناحيه و خلخلت الهواء من حوله مما أدى الى سقوطه على الأرض"
"عرفت حجمك الحقيقي .. انت حشرة.. مجرد حشرة ، بس مش علشان انا عيشتك في جسم حشرة لأ .. انت حشرة من الأول.. لما اتنازلت عن آدميتك علشان الفلوس كنت حشرة ، ولما عرضت حياتك للخطر علشان الفلوس كنت حشرة ، ولما وافقت تدمر حياتك كلها علشان خاطر الفلوس كنت حشرة ، ودلوقتي لما اتعصبت عليا وهددتني ، كان لازم اخبطك الخبطه دي ، علشان أفكرك انك حشرة.. مجرد حشرة
..ممكن جداً أفعصها بجزمتي ، بس أنا مش هعمل كده ، أنا هسيبك تموت بالبطئ وانت بتندم على كل لحظة اخترت فيها انك تكون حشرة" ثم أخرج بخاخا و رش منه وهو يقول " نسيت أقولك يا أبو السيد.. دورة حياة ذكر الناموس من نوعك بتستمر من 7 ل 10 يوم فعلا ، بس دي دورة حياته كلها .. احنا لما عملنا العملية نقلت روحك في جسم ذكر ناموس بالغ ، يعني انت كده كده هتموت النهارده أو بكره بالكتير..اعذرني بقى لازم أخرج من الأوضة علشان المبيد الحشري بيتعبلي صدري"
سمع (سيد) ضحكات (د. ثروت) الشديدة حتى خرج من الغرفة فحاول (سيد) الهروب بقفزات سريعة و طار ووقع عدة مرات حتى وصل إلى الشباك و تحول كل شئ بعدها الى سواد قاتم..
_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
أنا : فيروز... يظهر مضطرين نستنى احكيلك اخر حاجه حصلت المره الجايه.. تصبحي على خير يا حبيبة بابي.

الجزء الثالث

أنا : يلا يا فيروز علشان هننام
فيروز : بابا ..
أنا (مقاطعاً) : من غير ما تقولي عايزه نكمل الستوري
فيروز : اسمعني بس هقولك ايه
أنا : ما هو انتي هتفضلي تضيعي الوقت وفي الاخر هتبقي عايزه الستوري ، ننجز وقتنا بقى علشان بابا كمان لازم ينام
فيروز : طب ايه رأيك تحكيلي ستوري جديده
أنا : مش لما تعرفي الأول ايه اللي حصل لسيد ناموسه... أفكرك أنا
كان آخر حاجه راح وواجه العالم (ثروت العقل) انه عرف ان مدة الإتفاق مش هتكمل و حاول يهدده انه هيوديه في داهيه بس العالم خبطه في ايده كسرله واحده من جناحاته الاتنين و بعدها رش مبيد حشري في المكان و قفله علشان يسيبه يموت بالراحه...
_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
***
عادت الرؤية تدريجيا في عيني (سيد) ، كل شئ يبدو ضبابيا ، لا يتذكر شيئا مما حدث .. رويداً رويداً نظر حوله في محاولة الإستغاثة فلم يسمعه أحد ، لا أحد سيحاول حتى أن يسمعه أو يصدق كلماته إلا حبيبته ، هي فقط من تعرف سره ، ولكنها الآن تبعد مسافات لم يستطع أن يطيرها و أجنحته في كامل قوتها ، أما الآن وقد أصيب واحد من جناحيه أصبح الطيران صعبا و يسبب خللاً في التوازن ، كان عليه أن يختار ، إما اليأس و الإستسلام للموت ، أو أن يحارب و يواجه الصعوبات حتى يصل الى منقذته.
بدأ في التحرك بسرعة ، خطوات سريعة لم تخُلُ من محاولات للطيران لم تتعدى الثانيتين في كل مره يسقط بعدها على الأرض ، الرؤية فجأه صارت أصعب ، كل شئ من حوله مخيف، أحذية عملاقة من حوله في كل مكان لو غفل عنها لحظة قد يتحطم تحت نعل احداها ، سيارات يقودها مالكيها بجنون ..
شعر بالنعاس بشدة ، لا يستطيع أن يواصل ، وقف على إحدى الأزهار و أكل من رحيقها فثقل جسده أكثر و استسلم للنوم...
التقطت قرون إستشعاره صوت ا غريبا فقفز من مكانه بتلقائية ليكتشف أن أحدهم يقطف الزهرة التي نام عليها فأمسك بساقها بشدة ثم لاحظ ان الرجل لم ينتبه لوجوده على الزهرة لضآلة حجمه ، اذن فتلك فرصته المثالية للإستراحة من الحركة واستغلال حركة ذلك البشري في اجتياز طريقه الملئ بالمخاطر حتى أقرب نقطة ممكنة من وجهته النهائية.
وصل الى محل الزهور أسفل عمارة (توكل) ، طار فوراً وحاول الوقوف على المبنى ولكنه سقط أرضا ، يشعر الآن بثقل جسده ، وضعف في حركته ، تذكر كلمات العالم المجنون ، قد يكون لم يعش سوى ثلاث أيام فقط في ذلك الجسد ،ولكن كم عاش هذا الجسد في الحياة قبل أن تسكنه روحه .
استفاق من شروده وقرر أن يحاول انقاذ نفسه بأن يتسلق ببطء لضعف جسده ، كان يغرس أرجله في حجارة المبنى ليقاوم لفحات الهواء كي لا يسقط ارضا ، تسلق مرة أخرى بسرعه أبطأ ، لا يعلم كم من الوقت قد مر وهو يعاني صعوبة التسلق لكنه بدأ يشعر بالوهن و الجوع ، رؤيته بدأ يكسوها الضباب ولكن ذلك لم يمنعه من رؤية شباك منزل حبيبته من بعيد .. دب الأمل فيه ، عادت الرؤية واضحة فجأة ..
تحرك بسرعة وقوة ، انزلقت قدماه وكاد أن يسقط ولكنه ضرب بأجنحته الهواء بقوة فطار حتى وصل لزجاج منزل حبيبته ليجده مغلقا .. التصق به و أخذ أنفاسه يستريح بينما نظر للداخل في محاولة ليجد حبيبته أو أن تجده هو قبل أن يهلك.
***
نظرت (توكل) في المرآه نظرة أخيرة تتفقد شكلها وهي في كامل زينتها و توجهت الى المطبخ و أمسكت بصينية عليها كؤوس الشربات ثم خرجت الى الصالون تحت أنظار (سيد) من خلف الشباك وهي تسمع صوت أبيها يقول "اهي عروستنا جت اهه"
استطاع (سيد) أن يميز تلك الكلمات رغم ضعف الصوت الواصل الى قرون إستشعاره فحاول تركيز نظره أكثر ولكن الرؤية كانت باهتة ، يكاد يجزم انه يعرف ذلك الشخص الذي تجرأ وسبقه ليخطف منه حبيبته بطريقة شرعية ولكنه لم يميزه.
تعالت ضحكات والد (توكل) و هو يقول "والله يا دكتور (ثروت) احنا لو لفينا الدنيا كلها مش هنلاقي أحسن من أستاذ سيد عريس مناسب لبنتي ، انتوا تقريبا لبيتوا كل طلباتي ، وافقتوا على المهر اللي حددته ووافقتوا تجيبوا شق ة في المنطقة اللي انا اخترتها و كمان وافقتوا على القايمة اللي كتبتها ومضيتوا عليها عمياني من قبل حتى ما نكتب الكتاب و من غير ما تسألوا عن اي حاجة ، أنا بس عايز أعرف ، هو عريسنا دايما ساكت كده ؟"
رد الدكتور "هو بس تلاقيه مكسوف شويتين ، بكره لما يخش عيلتكم ياخد عليكم أكتر و ميبطلش كلام"
-"طيب أنا شايف أدام القبول موجود من ناحية بنتي و الطلبات اللي طلبتها كلها اتوافق عليها يبقى نقرا الفاتحة بقى"
رفع الجميع أيديهم أمام وجههم و تمتموا بقراءة الفاتحة بينما خرج صوت واحد من جسد العريس
"ززززززززززززززززززز"
_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_
أنا : هااا ايه رأيك بقى يا فيروز..
فيروز : هي كده خلصت خلاص ؟
أنا : ايوه ما خلاص طمع سيد وصله لانه هيموت وهو مش معاه حاجه و طمع توكل و أهلها هيخليها تعيش مع حشره مبتفهمش أي حاجه في جسم انسان
فيروز : بابا . انت متأكد ان دي قصة أطفال ؟ يعني أنا بحاول أقولك من قبل ما تحكي اني مش فاهمه اي حاجه خالص
أنا : قوليلي مش فاهمه ايه و أنا أفهمهولك
فيروز: الموضوع كله على بعضه كده موضوع كبار ، يعني ايه يكون نفسه ، ويجهز شقه و عفش ، ويعني ايه قايمه .. ما كنت تحكيلي قصص أطفال عاديه بتاعة واحد بيحب بنت السلطان أو قصص الأسد و الفار...
أنا : مش انتي اللي قلتيلي عايزه قصة سيد ناموسه.
فيروز : صح .. انا الغلطانه .. بابا... احكيلي قصة سيدنا موسى ..
أنا (مع ضحكة مكتومه) : عليه السلام.
فيروز : عليه السلام.
*تمت*

التسميات: