الاثنين، 27 أبريل 2020

ديستوبيا؟

خلف شجرةٍ بإحدى الجنائن الصغيرة جلس ثلاثة أصدقاء في عَقدِهم الثاني مختبئين من حرارة شمس الظهيرة و من أعين الناس ، يرتدون زياً موحداً ، حذاءً أسوداً و سروالاً زيتي اللون أسفل قميصاً أخضراً تم حياكة عليه إحدى الشعارات على جيبه ، يلتفون جميعاً حول كوباً زجاجياً بعد أن عكروا شفافيته بسيجاره من نوع خاص ، نتج عنها دخاناً كثيفاً وإن لم تكن كثافته كافية للفت نظر بعض الماره الذين ألتفوا حول عربة احدى بائعي البطاطا الجائلين غير مكترثين أن البائع يستعمل ظهر نفس السكين التي يقطع بها بضاعته الشهيه في محو آثار العرق من على جبينه من آن لآخر وهو ينادي على ألحان لم تعترف بها نقابة المهن الموسيقية "معسله أوي يا بطاااطااااا" ، إلا أن صوته لم يكن كافياً ليغطي على صوت بكاء رجل في أواخر الأربعينات يرتدي جلباب مهلهل و يجلس على الأرض بجانب كرتونة بيض مكسوره عازماً الا يتوقف حتى بعدما نزلت من سياره فارهة احدى السيدات وهي تمسك تليفونها المحمول الحديث بيد لتلتقط صوره (سيلفي) و تمسك مجموعة من الأوراق النقدية في اليد الأخرى تعطيها للرجل تعويضاً عن البيض الذي يقع منه يومياً في أماكن مختلفه . لم يمنع وقوف السيارة تقدم إحدى الشباب خلف ثلاثة فتيات ليتحرش بهن جميعاً لفظياً في آن واحد ، فتنزعج الأولى من تصرفه بينما تكتم الثانية إبتسامتها و تصر الثالثة أن يراها وهي تضحك له ، ربما لأنها شعرت بالحرمان العاطفي وهي تنظر الى سور مدرسة (المستقبل المشرق) وهو مشوه بطلاء أسود كتب به (حمو بيحب سنيه اد الدونيا كولاها) و التي صمدت لفترة زمنية طويلة حيث عجزت أجساد التلاميذ من محوها رغم قفزهم اليومي من نفس السور هاربين من اليوم الدراسي و من مدرسيهم ذوي العصي الغليظة الذين لا يترددون في استخدامها لترويع أياً من تسول له نفسه في اهدار فترة (إدخار الطاقة) النهارية قبل ساعات من اللف على البيوت ليلاً في الدروس الخصوصية ، لكنهم لم يستخدموها لفض العراك الكبير بين التلاميذ في حوش المدرسة أو تحديداً أمام اللافتة التي كتب عليها بخط جميل 
 إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ


التسميات:

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية