الأربعاء، 27 يونيو 2018

حلم الحرية

حلم الحرية




"زود سرعه شويه يا وليد..عايز احس اني بطير "
قلتها لوليد صديقي وهو ينطلق بسيارته فضغط على دواسة البنزين حتى وصل عداد السرعة لرقم 160
"على فكره ..انت بقيت مجنون من ساعة ما طلعت ع المعاش"
المعاش..
مجرد سماعي لتلك الكلمة من فم صديقي شعرت بقشعريرة من النشوة كتلك التي نشعر بها عند مرور احدى اجهزة المساج البدائية و التي تعمل بالاهتزاز على احدى العضلات المرهقة ثم ابتسمت و أنا أتذكر حياتي من وقت إحالتي على المعاش و حتى الان.
أتذكر اني قدت سيارتي بسرعة جنونية في الشوارع كطير تم اطلاق سراحه من قفص ضيق وانا أسمع أغنية A Whole New World بأعلى صوت متاح على مشغل الأغاني القديم نوعاً ما .
أتذكر اني تفرغت فقط لتربية ابنتي بالشكل السليم الا في ساعات عملي التي أختارها بنفسي كل يوم للقيام بكتاباتي .
أتذكر احتفالي وسط عائلتي بمناسبة نجاح كتابي الأول ..وقتها شعرت بفرحة تضاهي فرحتي يوم زفافي..
أتذكر رفضي لكتابة مقالات بمعدل ثابت لواحدة من أهم الجرائد المصرية لمجرد اني لا أرغب في أن أكون تحت رحمة رئيس التحرير المعروف بشخصيته المستفزة و التي تذكرني بالكثير من الأشكال الضالة التي اضطررت أن أقابلها في عملي القديم قبل المعاش.
أتذكر كورس الاخراج الذي حصلت عليه بإشراف من واحد من أهم المخرجين الذي طالما حلمت بالعمل معه في يوم من الأيام للإستفادة من خبرته
أخيراً أتذكر نجاحي في مهرجان السينيما الدولي بشرم الشيخ لإخراجي أفضل فيلم قصير و فوزي برحلة للولايات المتحدة الأمريكية لحضور كورس اخراج عالمي تحت اشراف العبقري (جيمس كاميرون) و ها أنا الان في طريقي للمطار.
كنت أعرف انها النقلة التي أحتاجها لأعود أهم مخرج في الوطن العربي و أحقق حلمي القديم أن أخرج عملاً سينيمائياً من تأليفي ولكن قبل أن أعود يجب أن ألف العالم..اليابان.. نيجيريا ..سويسرا..الامارت...كندا و..
"انت ياجدع انت ... انت بتسرح مني و انا بكلمك .. مش بقولك بقيت مجنون من ساعة ما طلعت على المعاش"
قطعت كلمات وليد صديقي ذكرياتي فابتسمت و أنا أنظر له وقلت "أنا كنت مجنون في كل يوم قضيته و انا بعمل حاجه مبحبهاش..الحياه مليانه حاجات كتير أوي بحبها ..حرام أضيعها في حاجه مبحبهاش"
مشككاً في كلامي نظر وليد تجاهي نظره بها سخرية ا قبل ان نصطدم بحجر كبير يؤدي لإنقلاب السيارة في الهواء عدة مرات قبل ارتطامها بالأرض بقوة وتحول كل شئ أمامي للون الأسود.
أسمع صوت الإسعاف يأتي من بعيد... يخترق أذني ثم يقترب أكثر فأكثر حتى أصبح مزعجاً ، فتحت عيني ببطء لأجد نفسي على سريري في بيتي ، مددت يدي لأخرس الصوت المزعج الصادر من تليفوني المحمول و الذي ظننته منذ ثواني قليلة سرينة اسعاف
ثم قللت اضاءة شاشته الى أقل درجة حتى أستطيع أن أنظر اليها دون أن أصاب بالعمى و تأكدت من التاريخ..نظرت مره و اثنان و ثلاثة الى الشاشة و أنا أكذب نفسي..ثم نظرت الى Uniform عملي على الشماعة فظهر الإشمئزاز على وجهي ثم ذهبت للحمام لأقطع في وجهي بشفرات الأمواس تحت مسمى حلاقة الذقن ثم ارتديت لبس عملي و نظرت لطفلتي الصغيرة و هي نائمة كالملائكة و قبلتها و أنا أقول"اه يا فيروزتي لو تعرفي بابا بيستحمل ايه كل يوم علشان خاطرك"
استيقظت زوجتي على صوتي و نظرت للساعه ثم انتفضت من السرير فجأه و هي تقول "ايه يا كريم ..راحت عليك نومه ولا ايه؟"
رديت مستفزاً فضولها " اه..كنت بحلم ان العربية اتقلبت بيا على 160 انا ووليد"
-"يا ساتر يا رب.. ده ايه الكابوس ده"
رديت مع ابتسامه على وجهي "مكنش كابوس..كان حلم جميل"


التسميات: ,

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية